يُعتبر الزواج مقامًا مقدسًا، يشكل أساسًا لاستقامة الأخلاق ورسو النفس البشرية من الانزلاق تحت طائلة الشهوات، يشير سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في حديث شريف إلى أهمية الزواج، حيث قال: “من أحب فطرتي، فليستن بسنتي، ومن سنتي التزويج”.
ومع ذلك، فإن الطلاق يُعتبر من أبغض الحلال عند الله، وذلك بناءً على أسس دينية واجتماعية تحكم حياة المجتمعات، لهذا السبب، وضع المشرع الكويتي إطارًا قانونيًا لحماية الزوجة من ظلم الزوج والحفاظ على استقرار الأسرة، وذلك من خلال دعوى قضائية يمكن للزوجة أن تتقدم بها في حالة تعرضها للاضطهاد أو الظلم من قبل زوجها، مما يجعل العشرة معه مستحيلة.
الطلاق بالقانون الكويتي
تحدد المواد 126 و 127 من القانون رقم 12 لسنة 2015، المتعلق بقانون أحوال الشخصية في القانون الكويتي، الأسباب التي يُمكن للزوجة الاعتماد عليها لتقديم دعوى الطلاق، فهي تضع ضوابط واضحة للمواقف التي قد تبرر قرار الطلاق، مثل الإساءة الجسدية أو النفسية، أو الخيانة الزوجية، أو الإهمال المتعمد للأسرة.
تهدف هذه القوانين إلى حماية حقوق الزوجة وضمان سلامتها واستقرارها النفسي والمعيشي، كما تسعى إلى تعزيز قيم المساواة والعدالة داخل المجتمع، وتشجيع بناء علاقات زوجية صحية ومستقرة تُعتبر أساسًا لاستقرار المجتمع بأسره.
تعريف الطلاق للضرر في القانون الكويتي
وفقًا للمشرع الكويتي يأتي من خلال المادة 126 من القانون رقم 12 لسنة 2015 في شأن الأحوال الشخصية يُعرف الطلاق للضرر بأنه دعوى قضائية تُقدم بها الزوجة أو الزوج، يطالب فيها القاضي بفصلهما عن بعضهما البعض وإنهاء عقد الزواج بسبب استحالة العشرة بينهما، سواء قبل دخولهما في الزواج أو بعده.
هذا يعني أنه في حالة وجود ظروف تجعل العشرة بين الزوجين مستحيلة، سواء بسبب مشاكل بينهما قبل الزواج أو نتيجة لتغيرات في العلاقة بعد الزواج، يُمكن لأحدهما أو كليهما تقديم دعوى للطلاق للضرر للمطالبة بفصلهما عن بعضهما البعض بشكل قانوني.
تُعتبر هذه الخطوة آلية قانونية تُسهم في حماية حقوق الزوجين وضمان استقرارهما وسلامتهما النفسية، وتتيح لهما الفرصة للتحرر من علاقة زواجية غير صالحة تؤثر سلبًا على حياتهما وسعادتهما.
الشروط التي يتعين توافرها حتي يتم الطلاق للضرر
في الكويت، تتبع إجراءات الطلاق للضرر عدة خطوات وتتطلب الامتثال لمجموعة من الشروط والمعايير القانونية، إليك شرحًا مفصلًا لهذه الإجراءات:
تقديم الدعوى:
يقوم أحد الزوجين بتقديم الدعوى أمام القضاء، طالبًا التفريق بسبب الضرر الملحق به من قِبل الزوجة.
يمكن للزوج أو الزوجة التقدم بالدعوى عن طريق مكتب محاماة متخصص لضمان اتباع الإجراءات القانونية بشكل صحيح وتقديم الأدلة اللازمة لدعم الدعوى.
الحكمين:
يحاول القضاة في الجلسة الأولية التوصل إلى تسوية للنزاع بين الزوجين.
في حال عدم التوصل إلى تسوية، يتم تحديد جلسة للنظر في القضية واتخاذ قرار بشأن التفريق.
شروط الزواج:
يجب أن يكون النكاح قد تم وفقًا لشروط وأحكام القانون الكويتي، بما في ذلك الشروط الشكلية والموضوعية.
لا يُعترف بالزواج غير الشرعي (مثل الزواج العرفي) من قِبل القضاء في الدعاوى المتعلقة بالطلاق للضرر.
الضرر المادي والمعنوي:
يجب أن يكون هناك ضرر مادي أو معنوي قد تعرض له أحد الزوجين نتيجة للعلاقة الزوجية.
الضرر المادي يتعلق بالأضرار الناجمة عن أفعال ملموسة مثل العنف الزوجي، بينما يتعلق الضرر المعنوي بالأذى النفسي والعاطفي.
عبء الإثبات:
يقع عبء الإثبات على الطرف الذي يدعي التضرر.
يجب عليه تقديم الأدلة والبراهين التي تدعم مطالبته بالطلاق للضرر، ويقوم القاضي بتقييم قوة هذه الأدلة واتخاذ قراره بناءً عليها.
يتطلب الطلاق للضرر الامتثال لجميع هذه الإجراءات والشروط والاستعانة محامي طلاق متخصص لضمان حماية حقوق الطرفين وتسهيل سير الإجراءات القانونية بشكل سليم وفقًا للقانون الكويتي.
الأسباب القضائية للمطالبة بالطلاق للضرر
توجد عدة أسباب قضائية وضعها المشرع للسماح بالمطالبة بالطلاق للضرر وفقًا للقانون رقم 12 لسنة 2015 بشأن الأحوال الشخصية في الكويت، تشمل هذه الأسباب السببين الماديين والعديد من الأسباب المعنوية:
وجود حكم نهائي بالنفقة الزوجية:
يتعلق هذا السبب بالدعوى التي تقدمها الزوجة بخصوص النفقة الزوجية، وعندما يتم الحكم بعدم الانفاق من الزوج والحصول على حكم قضائي نهائي بهذا الصدد، يمكن للزوجة مطالبة القضاء بالطلاق للضرر.
رغبة الزوج بعدم الانفاق على زوجته:
إذا رفض الزوج بصراحة القيام بواجباته المالية تجاه زوجته، يمكن للزوجة التقدم بطلب للقضاء للمطالبة بالطلاق للضرر.
حبس الزوج بعقوبة مقيدة للحرية:
في حالة حبس الزوج بعقوبة مقيدة للحرية، يمكن للزوجة التقدم بطلب للقضاء للمطالبة بالطلاق للضرر نتيجة لتأثير هذا الحبس على حياتها وحياة الأسرة.
عدم معرفة حالة الزوج المادية:
إذا كان هناك خلافات أسرية تجعل الزوج يخفي حالته المادية وقدرته على الانفاق على زوجته، يمكن للزوجة التقدم بطلب للقضاء للمطالبة بالطلاق للضرر بسبب عدم كشف الزوج عن موقفه المالي.
أسباب مرضية أو جنسية:
يمكن للزوجة المطالبة بالطلاق للضرر في حالة وجود مرض أو ضعف جنسي للزوج يؤثر على العلاقة الزوجية، سواء كان الزوج يعاني من هذه الحالة منذ البداية أو نتجت عن حادث أو موقف معين بعد الزواج.
تلك هي الأسباب الرئيسية التي وضعها المشرع الكويتي للسماح بالمطالبة بالطلاق للضرر، ويتعين على الزوجة تقديم الأدلة اللازمة والبراهين لدعم مطالبتها أمام القضاء.
المشكلة العملية المثارة حول الطلاق للضرر
المشكلة العملية المثارة حول طلاق الضرر تتمثل في عدة جوانب:
التحايل على القانون: بما أن طلاق الضرر يتيح للزوجين الحق في الطلاق بسبب التضرر المادي أو المعنوي، قد يلجأ البعض إلى التحايل على القانون من خلال تقديم دعاوى زائفة للحصول على الطلاق، مما يؤدي إلى خراب الأسر وهدم المجتمع.
صعوبة إثبات التضرر المعنوي: يمثل تحمل الزوج المدعى عليه لعبء إثبات التضرر المعنوي تحديًا كبيرًا، خاصة إذا كان التضرر غير واضح أو لا يمكن إثباته بسهولة، مما قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات قضائية بناءً على معلومات غير دقيقة أو مبهمة.
التحمل الثقيل للمدعي: يضع القانون عبءًا ثقيلاً على المدعي، خاصة إذا كان التضرر المزعوم هو التضرر المعنوي، مما يجعل من الصعب عليه إثبات دعواه بشكل كافٍ، وقد يتطلب ذلك استعانته بخبراء وتقديم تقارير طبية وشهادات قانونية لدعم مطالبته.
بالنظر إلى هذه التحديات، يلعب مكتب المحاماة دورًا مهمًا في تقديم المساعدة للأفراد الذين يواجهون مشكلات قانونية في قضايا الطلاق للضرر، حيث يتولى المحامون المتخصصون في المكتب تحمل العبء القانوني وتقديم الدعم اللازم للمدعيين لضمان حصولهم على الحقوق التي يستحقونها بموجب القانون الكويتي.